«الإدارية»: القانون منح وزير الصحة الحق بالتطعيم الإجباري لجميع السكان

• «جرائم ومحاكم» تنشر حيثيات حكم رفض السماح بالسفر لغير المطعمين

• القرار لا يقيد حرية التنقل بقدر ما يهدف للحفاظ على الأمن والنظام الصحي

• لا يشكل إجبارا على تلقي اللقاح.. وعدم التحصين يفقد أحد شروط السفر

• صدر وفق قوانين ونظم الكويت ولا يتضمن تعديا على سيادة الدول الأخرى

• للدولة اتخاذ إجراءاتها الاستثنائية حفاظا على النظام الصحي ودرء للمخاطر

• ما يصدر عن منظمة الصحة العالمية مجرد توصية غير ملزمة للدول الأعضاء

• «الصحة» لم تبسط يدها كليا.. بل وازنت بين حرية التنقل وصحة المجتمع

• حرية التنقل يجب أن تنظم في هذه الظروف الاستثنائية بضوابط موضوعية

• المحكمة تدرك أهمية صون الحرية إلا بأمر تستلزمه صيانة صحة المجتمع

• تمديد الجرعة الثانية سببه ندرة اللقاحات وتنافس كل الدول للحصول عليها

أكدت حيثيات الحكم الصادر الأسبوع الماضي من الدائرة الإدارية في المحكمة الكلية برفض دعوى مقامة من أربعة مواطنين طالبوا بإلغاء قرار وزارة الصحة الصادر في 3 مايو الماضي بعدم السماح بسفر غير المطعمين بلقاح فيروس كورونا، أن القرار لم يتضمن عيبا باستعمال السلطة بل صدر ابتغاء للأمن والصحة في المجتمع.

وذكرت حيثيات الحكم بأن وزير الصحة أصدر القرار رقم 52 لسنة 2021 في تاريخ 3 مايو الماضي متضمنا النص في مادته الأولى على: «عدم السماح بالسفر إلى خارج البلاد للمواطنين ومرافقيهم من أقرباء الدرجة الأولى والعمالة المنزلية ما لم يكن قد حُصن من الإصابة بفيروس كورونا عن طريق تلقيه اللقاح، ويستثنى من ذلك الفئات العمرية غير الخاضعة للتطعيم اعتبارا من يوم السبت الموافق 2021/5/22».

درء المخاطر

وأضافت الحيثيات بأن رد الجهة الإدارية على الدعوى المطروحة أفصحت عن أن سبب القرار ومبررات ودواعي قيامه هو ما مفاده أنه من حق الدولة في ظل الظروف الحالية وما صاحبها من ظهور فيروس كورونا المستجد وسرعة انتشاره بين الكافة وخطورته الداهمة على حياة الأفراد، اتخاذ الاجراءات الاستثنائية حفاظا على الأمن العام والنظام الصحي في المجتمع ودرء للمخاطر، وأن دولة الكويت قد بادرت قبل غيرها من الدول منذ بدء تفشي هذا الوباء وانتشاره إلى اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات الوقائية، فقد قررت حجر القادمين من الخارج مؤسسيا أو منزليا وفرض الحظر الكلي أو الجزئي على جميع مناطق الكويت وتعطيل العمل لفترات طويلة في بعض الوزارات والمؤسسات العامة، وإغلاق الأسواق والمجمعات التجارية وغيرها من الإجراءات في محاولة منها لمواجهة هذا الوباء والحد من انتشاره، وذلك حتى لا ينتقل من إنسان لآخر دون أن تستطيع الدولة بكافة مؤسساتها السيطرة عليه.

وأكملت بأن رد الجهة الإدارية أفاد بأن القرار المطعون فيه قد صدر من ضمن تلك الإجراءات الاحترازية لدواعي المصلحة العامة وأمن وسلامة المجتمع، ولم يتضمن تقييدا لحرية التنقل المكفولة بالدستور بل نظمها بتلقي المسافر اللقاح تحصينا له وللمجتمع وحماية للصحة العامة وتجنب انتشار السلالات الجديدة من الفيروس بعد أن تحسنت الأوضاع في البلاد، وأن رائدها في ذلك دائما ابتغاء المصلحة العامة والحفاظ على أمن وسلامة المواطنين والمقيمين، وباعتبار أن الحق في التنقل ليس مطلقا دون قيود.

وزادت: «كان ما أبدته الجهة على ما تقدم يعد سببا كافيا لحمل قرارها على سببه الصحيح المبرر له ودون أن يشوبه عيب إساءة استعماله السلطة أو الانحراف بها، لاسيما وأنه لا جدال في أن من حق الدولة في ظل هذا الوباء أن تحافظ على النظام الصحي للمجتمع وأن تدفع الخطر عنه، ولها اتخاذ ما تراه دون التقيد بالنظم العادية السارية في ظل الظروف العادية حماية للنظام الصحي في الدولة، وهو أساس البقاء على قيد الحياة، ودرء للخطر الناتج عن انتشار الوباء، لاسيما وأن واقع الحال قد كشف عن عجز أكثر الدول تقدما في مجال الصحة عن إنقاذ أرواح رعاياها، بل وحتى عن تقديم الرعاية الطبية لهم حال تفشي الوباء».

تطعيم إجباري

وأشارت الحيثيات إلى أن المدعين لم يدحضوا ما ساقته الجهة الإدارية من دفاع على ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه والحال كذلك يكون قائما على سببه الصحيح المبرر له، ويحمله واقعا وقانونا، ويغدو مستظلا بالمشروعية بمنجاة من الإلغاء، من دون أن ينال من ذلك ما أثاروه من أن وزير الصحة قد تجاوز حدود الاختصاص والسلطة الممنوحة له بموجب القانون رقم 8 لسنة 1969 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية، فذلك القول مردود بأن المادة الثانية عشر من ذلك القانون قد أعطت لوزير الصحة العامة الحق في أن يصدر قرارا بالتطعيم الإجباري لجميع السكان من أي مرض سار وفقا لمقتضيات حماية الصحة العامة، بما يكون القرار قد صدر ممن يملك إصداره قانونا وفي حدود الاختصاص الممنوح له، ولا يشكل القرار بذاته قيدا على حرية التنقل بقدر ما يستهدف الحفاظ على الأمن العام والنظام الصحي في المجتمع».

وتابعت: «لا وجه لما أبداه المدعون من أن خضوع كافة المطعمين وغير المطعمين على حد السواء للحجر عند العودة من خارج البلاد يثبت عدم جدوى القرار المطعون فيه، إذ أن خضوع المطعمين للحجر لا يعدو أن يكون من قبيل التحوط لضمان أقصى حد من عدم انتشار المرض، وغير صحيح القول بأن القرار تعدى على السيادة التشريعية للدول الأخرى باشتراط التطعيم قبل السفر للخارج حال أن تلك الدول لم تشترطه، ذلك أن القرار المطعون فيه صدر وفق نظم وقوانين دولة الكويت المعبرة عن سيادتها وفي شأن خاص من شؤونها».

ومضت الحيثيات: «لا يغير من ذلك الاعتصام بأن إعلان وزارة الصحة عن تمديد فترة الجرعة الثانية من اللقاحات، دون توصية طبية معتمدة يجعل القرار المطعون فيه منعدما ومشوبا بعيب اساءة استخدام السلطة، إذ أنه لا يخفى عن الجميع أن ذلك التمديد يرجع إلى ندرة اللقاحات وأهميتها وتنافس كافة الدول على الحصول عليها لحماية رعاياها، وأن دولة الكويت بذلت جهودا فائقة مبكرا في الحصول على أكثر اللقاحات فاعلية وتوفيرها مجانا للجميع إدراكا منها لخطورة هذا المرض وسرعة انتقاله بين الكافة، بما ينفي عن القرار المطعون فيه الانعدام أو إساءة استعمال السلطة».

ولفتت إلى أنه لا ينال مما تقدم القول بأن تلقي اللقاح رهين بإرادة المواطنين وقبوله تلقي الخدمات الصحية قبل السفر للخارج، أو أن يكون ذلك تنفيذا لاشتراطات الدولة المسافر إليها، فذلك مردود بأن الأوراق قد خلت مما يفيد الإجبار على تلقي اللقاح، وأن اشتراط التحصين كأحد الشروط اللازمة للسفر في الوقت الحالي لا يشكل بذاته إجبارا على تلقيه إنما عدم التحصين يعني عدم توافر أحد الشروط اللازمة للسفر، وأن عدم السماح بالسفر إلى خارج البلاد للمواطنين الذين لم يتوافر بشأنهم شرط التحصين لا يعدو أن يكون منعا مؤقتا أملته الضرورة والظروف الاستثنائية الحالية.

صون الحرية

ونوهت الحيثيات إلى أن المحكمة تدرك أهمية مبدأ صون الحرية المنصوص عليه في الدستور الكويتي بالمادة 31 سالفة البين وما يتفرع منه من عدم تقييد حرية التنقل سواء بالانتقاص منها أو إهدارها إلا بأمر من الجهة الإدارية تستلزمه صيانة أمن وصحة المجتمع وحماية مصالحه، وأن واقع الدعوى قد كشف عن أنها قد اتخذت سبيلا للموازنة بين مصلحة وأمن المجتمع وما يقتضيه الحفاظ على النظام الصحي وبين صون حرية التنقل، فلم تبسط يدها في هذه المسألة كل البسط لتكون حرية التنقل في ظل هذه الظروف الاستثنائية دون تنظيم أو ضوابط موضوعية على نحو يمس المصلحة العامة، كما لم تتشدد فيها تشدد مفرط بما يخرجها عن الأطر المقررة دستوريا، ومن ثم فإن قرارها قد جاء وفق أطر المشروعية بحسب أن صحة وحياة المواطن تعلو ولا يعلو عليها أي أمر آخر.

واستطردت: «لا جدال أنه حال زوال هذه الظروف الاستثنائية ستعود الأمور كما كانت عليه سابقا، وأن القول بقبول المواطن التحصين إذا كان من اشتراطات الدولة المسافر إليها ينسحب من باب أولى إلى قبوله التحصين من دولته بحسبانها لا تبتغي سوى الحفاظ على أمنه وسلامته خارج البلاد في الوقت الذي يحول سفره بينها وتقديم الرعاية له إذا لزم الأمر أسوة بالرعاية التي توفرها على إقليمها».

وأكدت الحيثيات بأنه لا يقدح مما تقدم القول بأن دولة الكويت عضوا بمنظمة الصحة العالمية ولا يجوز لها مخالفة ميثاقها وتوصياتها، إذ ان ما صدر عن هذه المنظمة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجرد توصية أو دعوة من قبل المنظمة إلى الدول الأعضاء لاتخاذ سلوك أو موقف معين وليس من شأنه أن يحول بين الدول في اتخاذ ما تراه مناسبا لحماية نظامها وأمنها الصحي.

وأضافت: «لا يؤثر في ذلك ما أثير من أنه كان يتعين على وزير الصحة بصفته أن يوصي بالغلق التام لحركة الطيران التجاري أمام القادمين، أو يأمر بالتطعيم الإجباري إذا كان لديه دليل على اعتماد أحد اللقاحات لمواجهة المرض، فذلك مردود بأن اتخاذ المزيد من الإجراءات أو التدابير مرده إلى جهة الإدارة بسلطتها التقديرية الموسدة إليها قياما على المصلحة العامة في هذا الشأن ولا يسوغ إجبارها على اتخاذ قرار تترخص فيه وتستقل بتقديره».

وأشارت الحيثيات إلى أنه على ما تقدم يكون ما أثير من نعي على القرار المطعون فيه على غير أساس ومن ثم تلتفت المحكمة عنه، وترى عدم الاستجابة لطلب إحالة الدعوى الى الخبراء لبحث جدوى القرار المطعون فيه مادام أنها وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوعها، وعليه تقضي برفض الدعوى.

طلبات المدعين

وكان المدعون قد أقاموا دعواهم مطالبين بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار، وبإحالة الدعوى إلى الخبراء لبحث جدوى القرار المطعون فيه الذي نعوا عليه مخالفته للحقوق والحريات المكفولة بالدستور والقانون وصدوره مفتقدا للسبب المبرر له مشوبا بعيب استعمال السلطة والانحراف بها، مدعين بأن وزير الصحة تجاوز بقراره حدود الاختصاص والسلطة الممنوحة له بموجب القانون 8 لسنة 1969 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض السارية.

وأضاف المدعون بأن القرار المطعون فيه قد قام على تقارير طبية متناقضة ولم يستند على تقرير من اللجنة الطبية الاستشارية المعاونة للجنة الوزارية لطوارئ كورونا، ولم يرتكن إلى سببه الصحيح المبرر له، بل تضمن تقييدا للحريات دون أن يثبت فاعليته ولزومه لمواجهة تفشي المرض.

وأشاروا إلى خضوع كافة المطعمين وغير المطعمين على حد سواء للحجر عند العودة من خارج البلاد وأن الفارق بينهما هو مدة الحجر فقط دون أي أساس علمي، مضيفين بأن القرار تضمن تعديا على السيادة التشريعية للدول الأخرى باشتراط التطعيم قبل السفر للخارج حال أن تلك الدول لم تشترطه، إذ أنه من المقبول لدولة الكويت اشتراط اللقاح للقادمين إليها لا على المسافرين منا.

وأكمل المدعون بأن القرارات التي أصدرها مجلس الوزراء بإنهاء حالة حظر التجول الجزئي وعودة الأنشطة والحياة الطبيعية تدريجيا تعني أن الحالة المرضية مستقرة في الدولة، ولو كانت هذه الحالة تستدعي تقييد حرية التنقل والسفر ما كان لمجلس الوزراء إلغاء القيود السابقة، بما مؤداه عدم وجود سبب واقعي يستند عليه القرار.

ولفتوا إلى أن اقتران التطعيم بالسفر يرتهن بقدرة الدولة على توفير اللقاح في كل وقت أمام المواطنين، وأن إعلان وزارة الصحة عن تمديد فترة الجرعة الثانية من اللقاحات دون أن تستند في ذلك على توصية من منظمة الصحة العالمية أو تقارير طبية معتمدة يثير شبهة إهدار المال العام بضياع فائدة الجرعة الأولى وفقد فاعليتها الطبية خلال فترة انتظار الجرعة الثانية، ما يتسبب بزيادة انتشار المرض ويجعل القرار منعدما ومشوبا بعيب استخدام السلطة ومتنكبا وجه المصلحة العامة.

وذكروا أن القرار صدر دون الاستناد إلى تقارير طبية صحيحة تقيد حرية السفر، لافتين إلى أن الكويت عضو في منظمة الصحة العالمية ولا يجوز لها مخالفة ميثاقها وتوصياتها، وأن المنظمة أعلنت أن تفشي الفيروس لم تصل إلى مرحلة الخروج عن السيطرة التامة، وأنه لا يوجد لقاح نهائي لمواجهة تفشيه، ما أدى لرفض إعلان لجنة الطوارئ في المنظمة لطلب شهادات التطعيم ضد الفيروس شرطا لإتاحة السفر بين الدول.

دعاوى مشابهة

يذكر أن المحكمة حجزت أخيرا دعوى مشابهة للحكم في الرابع عشر من يوليو الجاري، وتنظر دعوى أخرى مشابهة تم تأجيلها إلى الثالث من أغسطس المقبل للرد من دفاع الحكومة على مذكرة المدعي.

اقرأ موضوعا متصلا

 

أرسل الخبر أو إطبعه عبر أحد هذه الخيارات:

اقرأ أيضا

الامتناع عن عقاب مقيم اتهم بحرق مركبة عمدا

• العنزي: كيدية الاتهام وعدم كفاية الأدلة ضد موكلي قضت محكمة الجنايات بالامتناع عن النطق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *