سرقة الخرفى
باتت فئة كبار السن ومرضى الاضطراب العصبي المعرفي وغيرها من أمراض الخرف، عرضة للاستغفال والاستغلال من قبل ضعاف النفوس الطامعين بأموالهم.
فللأسف الشديد يخطط هؤلاء المنتحلين والمزيفين للاستيلاء على أموال آبائهم أو أزواجهم أو إخوانهم وغيرهم من الأقارب ممن يستغلون عجزهم عن إدارة معاملاتهم الشخصية والمصرفية وإبرام العقود.
ومعروف بأن فئة كبار السن لاسيما مرضى الخرف منهم، ينفذون ما يطلب منهم لأسباب مرضية كونهم أصبحوا مسلوبي الإرادة، فتتم السيطرة التامة عليهم لتوقيعهم وتبصيمهم على مستندات وهم في وضع السبات عن الواقع، ويصل الحد إلى انتهاك حياتهم الشخصية وتطليق زوجاتهم لمآرب خاصة وطمعا بالميراث حال توفاهم الله، ويتناسى هؤلاء المزيفين بأن ميقات الحياة والممات بيد رب البشر، وكأنهم يتسابقون مع القدر الحتمي الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
إن الكثير من مرضى الخرف يستطيعون الإمضاء، غير أنهم لا يدركون ما نوعية المستندات المقدمة لهم، وتظهر قدراتهم من خلال اهتزازات خطوطهم وتوقيعهم لأسباب مرضية خارجة عن إرادتهم، فهم عاجزون حتى عن الدفاع عن أبسط حقوقهم، فيتم استغلالهم وتحويلهم إلى مجرد دمى بسبب ظروف مرضهم، ففرسان الأمس أصبحوا اليوم أسرى تحت مخالب خفافيش الظلام.
والدولة لم تغفل عن مثل هذه الممارسات، حيث عينت إدارة شؤون القصر قيما للمرضى العاجزين عن إدارة أمورهم الحياتية والمالية لاسيما الملاك وأصحاب الأرصدة المصرفية، إلا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من الإجراءات لضمان الحماية الكاملة لهذه الفئة.
وطبيا، يستحيل تشخيص الأمراض النفسية والعقلية إلا على يد الاختصاصيين والأطباء النفسانيين معا، فالموثقون ليسوا أصحاب اختصاص لتشخيص حالات الخرف وبعض الأمراض العقلية، إذ أن الموثق وحده لا يملك قدرات الخبير النفسي بتشخيص الحالات النفسية والعقلية.
ومن واقع تخصصي في «علم النفس»، أقدم بعض المقترحات لفرض حماية عالية الجودة لهذه الفئة عند التصرف بمعاملاتهم المالية والحياتية، ومنها تفعيل البصمة البيومترية عبر برنامج «سهل» واعتمادها في جميع الدوائر الحكومية للتحقق من وجود الشخص ذاته عند تنفيذ أية معاملة لمنع اختراق المنتحلين، واعتماد توثيق التوقيع الشخصي المعتمد عبر «سهل» لمصادقته عند تنفيذ التوقيع الشخصي حال إجراء أية معاملة مثل تحرير وكالة لإجراء معاملة شراء أو بيع في إدارة التسجيل العقاري أو عند تحرير وكالة زواج أو طلاق في مكتب الاستشارات الأسرية.
وهناك مقترحات حماية أخرى تتعلق بصيانة الأجهزة، إذ نوصي عند القيام بإجراءات التنفيذ تقديم الوكيل لطلب عبر برنامج «سهل» لتحديد موعد ونوع المعاملة، ويتطلب هذا الأمر تفعيل البصمة البيومترية إلى جانب إجراء اختبار إكلينيكي من مركز الكويت للصحة النفسية «لائق – غير لائق».
كما نوصي بإجراءات توثيق المعاملة، بمطابقة التوقيع الشخصي مع التوقيع الشخصي المعتمد في برنامج «سهل»، وإصدار «لائق» من مركز الكويت للصحة النفسية والعقلية، وتفصيل شامل لنوع المعاملة، وإشعار من «سهل» أثناء تنفيذ إجراء خطوات المعاملة، وتوثيق المعاملة بالتوقيع المعتمد في «سهل».
ونوصي كذلك بإرسال إشعار من تطبيق «سهل» لإتمام المعاملة، وإشعار من خدمة البريد الإلكتروني لنوع المعاملة، وإشعار شهري للمعاملة المنفذة مفصلة إلى خدمة البريد الإلكتروني من الجهة التي نفذت المعاملة ومصادقتها بالتوقيع الشخصي المعتمد للعلم في «سهل»، وإشعار بصورة شهرية يصل إلى صاحب العقار «منزل – شاليه – أملاك خاصة» لاعتماد استمرار ملكيتها لتوثيق اعتماد التوقيع في «سهل»، وإشعار بصورة شهرية لتجار العقار يتضمن تقريرا مفصلا لحركة تداول العقارات المسجلة «شراء – بيع – تأجير» لاعتماد ملكيتها لتوثيق التوقيع المعتمد ومصادقتها في «سهل».
وفي حالة عدم القدرة على التوقيع الشخصي، فإننا نوصي بتطبيق البصمة البيومترية، واختيار إكلينيكي من مركز الكويت للصحة النفسية والعقلية، واعتماد البصمة الشخصية، وتوثيق المعاملة، واستكمال الإجراءات السابقة بعد توثيق المعاملة.
ونتوقع الحصول على نتائج إيجابية في حال الأخذ باقتراحاتنا أعلاه، ومنها منع اختراق المنتحلين عن طريق البصمة البيومترية للتحقق من وجود الشخص ذاته، ومنع اختراق التزوير عن طريق اعتماد التوقيع الشخصي المعتمد في برنامج سهل ومطابقته، والتحقق من كمال الأهلية من مركز الكويت للصحة النفسية والعقلية، وتتبع صاحب المعاملة بنفسه لجميع خطوات معاملته مع توثيقها بالمصادقة بالتوقيع الشخصي المعتمد في «سهل»، وتبليغ صاحب المعاملة بصورة شهرية بنفسه لجميع المعاملات لتوثيقها بالعلم بالتبليغ والمصادقة بالتوقيع الشخصي المعتمد في خدمة «سهل»، وحصر شهري شامل لأصحاب العقارات لحركة العقارات والعمليات التي تمت مع التوثيق والمصادقة بالتوقيع الشخصي المعتمد في «سهل»، إلى جانب توفير فرص عمل للأطباء النفسيين والاختصاصين النفسيين.
بقلم الكاتبة والاختصاصية النفسية/ حنان كاكولي